تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
279596 مشاهدة print word pdf
line-top
شروط صحة السلم

يصح السلم في كل ما ينضبط بالصفة إذا ضبطه بجميع صفاته التي يختلف بها الثمن، وذكر أجله، وأعطاه الثمن قبل التفرق. عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال: من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم .


قوله: (يصح السلم في كل ما ينضبط بالصفة: إذا ضبطه بجميع صفاته... إلخ):
يعني: أن الأشياء التي لا تنضبط بالصفة لا يصح فيها السلم، ولذلك قال بعضهم: إن الشيء الذي تدخله الصناعة لا ينضبط بالصفة؛ لهذا قالوا: لا يصح السلم في الأواني؛ لأنها تدخلها الصناعة.
ولكن في نظري أنه يصح السلم فيها؛ لأنها الآن تنضبط بالصفة؛ حيث تصنع بالماكينة، ولا تصنع بالأيدي، فقديما كانوا يصنعون القدر والصحن والقدح بأيديهم، وتختلف لذلك؛ فهذه ثقيلة، وهذه خفيفة، وهذه حديدها صاف، وهذه حديدها غير صاف، فيقع اختلاف، أما الآن فحيث إنها تصنع بالماكينة، فيصح السلم فيها.
ويصح السلم كذلك في كل المصنوعات من أصغرها كالإبر والملاعق والسكاكين، إلى أكبرها كالسيارات والطائرات والماكينات.
فمثلا لو اتفق تاجر مع إحدى الشركات المصنعة على تصنيع نوع معين من السكاكين، وقال: أنا أريد أن تصنعوا لي مائة ألف حبة من هذا السكين، وأدفع لكم ثمنها مقدما، على أن تكون قيمتها كذا، وترسل لي بعد خمسة أشهر مثلا، فيشتريها منهم بثمن رخيص مقابل دفع المبلغ لهم مقدما، وهذا هو السلم.
وهكذا يصح السلم في السيارات فلو أراد تاجر شراء عدد من السيارات فإنه يتفق معهم على قيمة رخيصة للسيارة مقابل أن يدفع لهم قيمتها مقدما، وأن ترسل له بعد مدة محددة، ولكن يلزم أن يحدد نوع السيارة ولونها وحديدها وأدواتها وزمان صنعها؛ لأن الثمن يختلف باختلاف الصفات.
والحاصل أن السلم يصح في كل شيء إذا ضبط بجميع صفاته.
ولا بد من ذكر الأجل؛ كأن يكون بعد خمسة أشهر أو بعد ثلاثة أشهر.
ولا بد من دفع الثمن مقدما قبل التفرق، فتسليم الثمن يكون بمجلس العقد.
قوله: (عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يسلفون الخ):
وذلك لأن أغلب ما كانوا يسلفون فيه المكيل والموزون، فيسلفون في القطن مثلا وهو موزون، فيسلفون في الصوف وهو موزون، فيشتري- مثلا- من صاحب غنم مائتي رطل من الصوف، ولكن صاحب الغنم ما عنده صوف الآن، والصوف ينبت بعد خمسة أشهر أو بعد ستة أشهر، فإذا نبت الصوف بعد خمسة أشتهر أخذه من الغنم وسلمه للمشتري، فلا بد أن يقول: صوف أغنام أو صوف ضأن، لونه كذا، ونوعه كذا.
وكذلك أيضا الكيل، فيكون الكيل معلوما، فالتمركان يكال، والمكيل بصفة عامة هو الذي كانوا يكيلونه في المدينة، وكذا الزبيب يباع بالكيل، وما أشبهها، فإذا قال: اشتريت منك- مثلا- مائة صاع من زبيب تؤديها لي بعد خمسة أشهر، بشرط أن تبيعني الصاع بريال واحد فقط مع أن سعره الآن ثلاثة ريالات أو كثر، ولكن هو بحاجة إلى الدراهم، وأنت بحاجة إلى الربح، ولست بحاجة إلى هذه الدراهم، فتشتري منه هذا الزبيب- مثلا- في ذمته، فإذا حل فإنه يوفيك سواء كان عنده شجر عنب أو ليس عنده، وهكذا التمور ونحوها.
وقوله: ( يسلفون في الثمار )، سواء كانت هذه الثمار تدخر كالزبيب أو لا تدخر كالخوخ، فبعضهم يقدم سنة، وبعضهم يقدم سنتين، فيقول: اشتريت منك وتؤديني بعد سنتين، وتشتري بربع الثمن، وبعضهم سنة.
والحاصل أنه -عليه السلام- قد حدد لهم: من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم كمائة صاع أو مائتين، أو وزن معلوم فكانوا يبيعون ذاك الوقت بالرطل، فيقول: مائة رطل أو مائتي رطل، إلى أجل معلوم كخمسة أشهر أو ستة أشهر أو سنة أو سنتين، فلا بد من تحديد ذلك.

line-bottom